روح الصداقة !!

في لحظات قد ترهبك إحدى المواقف ، فلا تجد ملجأ من كربتها إلا في صدر صديق يفل عنك هموم تلك الأزمة ، ويواسيك بما يبدد غيومها الخانقة ، تلك لحظات قد تعصف بالمرء فلا يسعفه من مغبتها إلا اليد الحانية من الصديق الوفي ، قد لا تكون هي السمات المثلى التي يعتد بها لذكر محاسن الصداقة ، ولكنها قد تكون الأصدق ، والأكثر إثباتاً عن مدى ترابطها ، وتوثيق عراها ، إذ تشتد خيوطها بقوة ، وتتماسك بتؤدة أمام ما يعكرها ، وإلا تفتل تلك الخيوط وينهار صرح من صروحها .
نرى من جدة التلاحم في معاني الصداقة ، ما يبهج الخاطر ، ويبعث على الانبهار ، إذ نسمع من سالف الرواية والحكاية ، ما يصور الصداقة كنز وفير ، مهما نزعت من صنوفه وجوهره ، ازددت قوة وتماسكاً وسعة ، وبقى من إرثه ما يسعفك على نوائب الدهر ، امتلاكك إياه عز ومنعة .
في هوة سحيقة ، تجد الظلام والخوف يتلاطم في قلبك ، ويثير في أشجانك أهوال الفزع والرهبة ، ومن قلب الظلام يهبط سلك مضيء ، يبدد ذلك السواد القاهر ، ويورثك نور وأمان باهر .
تلكم الصداقة الناصعة ، وردة تفتحت وريقاتها عن رحيق شجي ، ونسيم عاطر رضي ، تحوطها الشفافية والوضوح ، ويعانقها الراحة والانشراح ، فتسمو وترتقي في أبهتها ؛ حتى تحقق معانيها ، وتنسجم مع نغمتها الساحرة ، وتنبسط السريرة في أحشاء القلب ، ويخالجها الفرح .
تلك هي الصداقة التي قامت عراها على مبادئ المحبة والصدق والإخلاص والإنصاف والنصيحة والمكاشفة ، بنيت على بروج سامية واضحة ، جلية للناظر ، ساحرة للمتأمل ، ومؤنسة للمتكدر ، إذ يجده ملجأه الذي يلوذ إليه في ساعة الضيق ، فيجد الفرج المستبشر ، والحل المنتظر .
فيغالب في توطيد صداقته الأهل والخلان ، ويسابق في مودته الأقارب والأحباب ، ولم تقل ( رب أخ لم تلده أمك ) عبثاً ، إذ صورت حقيقة تتجلى في وقت من العصور ، فيكابد الأخ العناء ليصل إلى مرتبة الصديق في مبعث أخيه .
فينجم عنها مسامرة في اللقاء ، واشتياق في الانقطاع ، وفرح في الموعد ، وضيق في الانقضاء ، كل من وجد في نفسه تلك المعاني قبالة صديقه ، فقد بلغ المرتبة السامية في الصداقة البيضاء الرضية ، الرفقة المعينة والملبية ، تهيأ لك مسالك الخير ، وتذلل معوقات سلوكه ، وتزيح عنك مثالب الفساد ، وتعينك على نوائب الدهر ونكباته .
لقد تسمرت معاني الصداقة في عيون الأدباء والنظّار ، وأرباب المؤدبين والمعلمين ، فجاشت صدورهم بأبرع الكلمات ، وفاضت ألسنتهم بما فجرته قريحة قلوبهم ، إلا أن أسماها معنى ، وأطربها عبارة ، وأعمقها دلالة ، ما قاله إمام البيان .. الإمام الشافعي – رحمه الله - :
سلام على الدنيا إن لم يكن فيها صديق صدوق صادق الوعد منصفا
فتنأى النفوس عن العزلة والانطواء ، لتجد رفيقاً تبث إليه الشكوى ، وتزف إليه النجوى ، وبدونها ستقبع في سجن السكون ، فلا تتهلل بصديق يرحب ، ولا برفيق يقتل سكون الحياة ، ويطرق آفاق الدنيا ، فيزيد ويستزيد ، ويتطور ويتجدد بكل ما يفيد ، صديقك مفتاح لكل الخطوب وهبته لتسعد بالحياة ، فلينظر كل امرئ من يصاحب .

يسلموووووو على الموضع
الصداقه من صدق في قوله وفعله

نورة الموضوع

يسلموووووووووووووووووو على الابداع الرئع

ثنكيو مسزز شوشو
على المرور